إن أصل تكوين الأشياء نابع من تفاعل الأجزاء مع بعضها البعض لتكون الكل.
فالإنسان يتكون من مجموع الخلايا التي تشكل الأنسجة، والتي تتضافر لتؤدى
وظيفة واحدة هي تشكيل العضو. ومن مجموعة الأعضاء تتشكل أجهزة الجسم
المختلفة كالجهاز الهضمي والعصبي ... الخ ومن مجموعة الأجهزة هذه يتشكل
الكائن الحي . والإنسان كجزء مجموعه يكون الدولة، والدولة كجزء مجموعها
يكون الأرض، والأرض كجزء مجموعها يكون الكون .. وإن العلاقة التي تربط
الأجزاء مع الكل هي علاقة تكاملية تناظرية عكسية ... وهذه العلاقة قائمة
على صراع يدور حول الخير والشر، بين الجزء والجزء، و الجزء و الكل،
فالأجزاء لها صفات إما خيرة أو شريرة، تتمخض من نتيجة الصراع الدائر بين
الخير والشر، والصراع يجب أن يحسم لأحد الظرفينن، وإن كان هناك تساوي
فسيدخل الكل في حالة الشذوذ. وإن اصل الصراع هو صراع أفكار وصور، فالأفكار
والصور الحسنة، التي تولد الصفة الخيرة مصدرها الكتب السماوية المنزلة
تدريجيا إلى أخر ما أنزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم القرآن
الكريم، أما الأفكار والصور السيئة التي تولد الصفة الشريرة تأتي من
مخالفة ما جاء به الله عزوجل. إذا حمل الكل والجزء نفس الصفة
فهما سيتشابهان في المزايا والخصائص ويختلفان من حيث عدد الصفات و الادوار،
و مقدار تأثير الأجزاء على الكل، يرجع إلى دور الجزء وموقعه وصفته، وصفة
الجزء تمثل القاعدة بالنسبة للكل. وان تغلب صفة الخير على صفة الشرأو صفة
الشر على الخير يعزله ولا يلغيه، وإذا اخذ الكل صفة وكانت تشبه صفة الجزء
المعزول أو الجزء الذي يكون في صراع فهذا الجزء ينساق إلى صفة الكل
وفق ميكانيزمات آلية، تختلف من نوع لآخر في الكائنات الحية تبعا لقواعد
النمو التي تحكم كل نوع، فلدى الانسان بتفكير، والكائنات الحية بالغريزة، و الدولة بالانتخاب، وفي المادة بالإحتكاك. وإن نسبة صفة الجزء خيرة أم شريرة تكون بمقدار ما
يرثه الجزء من الكل ـ الفرع من الأصل ـ وبنسبة أكثر من البيئة التي يعيش
فيها. إن تغير صفة الكل (نتيجة الصراع أو لظرف ما) يؤثر على صفات الجزء
التي كان عليها إن لم تكن مطابقة له، فتأخذ مساره وتبقى نسبة التأثر من حيث
الكم والوقت، مرتبطة بالمقدار الصفة التي يرثها الجزء. الكل قد يخلق الجزء
أو يدخل في صناعته. الخير يمثل الحياة، الحياة الطبيعية، المتزنة،
الهادئة، و يمثل الاستمرار ... وللحفاظ عليه يجب استعمال أسلوب الوقاية.
أما الشر يمثل الفناء وعدم الإتزان، و التعطل ... ولمواجهته يجب إخصاع
الجزء للعلاج فان لم يستجب أستؤصل، وإن طال الشر الكل، أخضع للعلاج فإن لم
يستجب أستؤصل.
فبالنسبة للكائن الحي فهو يتكون من مجموع من
الخلايا، وكل خلية لها صفة تتخدها من نتيجة الصراع الذي يدور بين ذراتها
التي تحمل الخير أو الشر، والخلية تشكل الأنسجة، التي تشكل بدورها العضو،
ومجموع الأعضاء يشكل أجهزة الجسم، ومجموع الاجهزة يشكل الكائن الحي،
فالكائن الحي يأخذ صفته من نتيجة الصراع الذي يدور بين أجزائه، فإن كانت
الغلبة لصفة الشر فسينجر على هذا إما إتلاف أو تعطيل أو عدم إتزان في عمل
العضو، الذي يؤثر لا محالة على عمل أجهزة الكائن الحي، التي تؤثر على صفة
الكائن الحي، فتكون شخصيته شريرة، والعكس صحيح.
إن
الله سبحانه وتعالى بجل الانسان بالعقل، على سائر مخلوقاته التي جعل ما
يحكمها هي الفطرة و الغريزة، فالعقل هو من يعطي سر الاختلاف للانسان عن
باقي الكائنات الحية، فهو الجزء المؤثر الأكبر على الكل (جسم الانسان)، من
منطلق تركيبته و دوه وموقعه، وعلى هذا كانت صفة العقل هي التي تحدد صفة
الانسان، وصفة العقل تتولد من نتيجة الصراع الدائر بين الذرات والخلايا
والأعضاء والأجهزة. فالإنسان شخصيته هي نتاج صراع بين الخير والشر ولايمكن
أن يختار بمحض إرادته ما يريد أن يكون عليه، بل هي الخلايا والأعضاء
المكونة له هي من تتحكم فيه، وإن الصراع في بدايته هو صراع أفكار وصور، فهي
التي تؤثر على الغدد، فالأفكار السيئة هي التي تؤدي إلى نشوب خلل في
الإفرازات الغدد للهرمون، التي تؤدي إلى إتلاف أو تعطيل أو عدم إتزان في
عمل العضو، فتؤثر على عمل العقل، فتنجم عنه شخصية شريرة، أما الأفكار
والصور الحسنة تؤدي إلى جعل توازن في الإفرازات، مما يؤدي إلى نمو طبيعي
ومتوازن ومستمر للخلايا وأعضاء وأجهزة الجسم، فيكون العقل سليم، فتنجم عنه
شخصية خيرة.و إن كان هناك تساوي بين الخير والشر في الصراع الدائر داخل
الإنسان فسيصل إلى مرحلة من الشذوذ اين يصبح يعيش حالة من المتناقضات.
وحالة الشذوذ تكون إلا في الانسان هو ككل، أو في الانسان متى يكون جزء يدخل
في تركيبة الكل، أو إذا تعدى إلى مرحلة التأثير على مراحل النمو (في
الكائنات الحية، وفي المادة).
وإن نسبة صفة الذرات والخلايا شريرة أم
خيرة للانسان تكون مما ترثه من أصولها ـ الجزء من الكل ـ أولا، و من
البيئة التي تنمو فيها ـ الأفكار والصور وكل ما يحتك به الجزء ـ ثانيا
وبدرجة أكبر، فالخلايا (الجزء) يحمل صفته مما يرثه، ثم يأخذ مساره (الخير
أو الشر) بما يتأثر به ويعايشه، وتبقى نسبة التأثر الصفة متعلقة بالنسبة
الموروثة، فإذا كانت الخلية (الجزء) ترث نسبة الشر أكبر من الخير، ونمت في
بيئة معدة للشر، فستكون نتيجة الصرع للشر وبفارق كبير، حيث صفة الشر تندفع
إلى المسار وكأنما قوة تجذب ذلك الجزء من الامام لالأمام لأاااإلى تلك
البيئة ـ يصل هنا الكل (الانسان) إلى درجة متقدمة من صفة الحيوان ـ ، أما
إذا كانت الخلية (الجزء) ترث نسبة الخير أكبر من الشر ونمت في بيئة معدة
للشر، فستكون نتيجة الصراع للشر وبفارق ضئيل حيث صفة الشر تأخد مسار وكأنما
قوة تدفع ذلك الجزء من الخلف لالأمام لأاااإلى تلك البيئة والعكس صحيح،
فإذا كانت الخلية (الجزء) ترث نسبة الخير أكبر من الشر، ونمت في بيئة معدة
للخير، فستكون نتيجة الصرع للخير وبفارق كبير، حيث صفة الخير تأخد مسارا
مستقيما، أما إذا كانت الخلية (الجزء) ترث نسبة الشر أكبر من الخير ونمت في
بيئة معدة للخير ، فستكون نتيجة الصراع للخير وبفارق ضئيل حيث صفة الخير
تأخد مسارا منعرجا، وفي كل الحالات لا تلغي صفة ما الأخرى بل تعزلها، فتغير
شخصية الانسان من صفة إلى اخرى لظرف ما أونتيجة صراع، يجعل الصفة المعزولة
تنساق نحو مسار الكل، أما الصفة التي كانت ظاهرة فستصبح مزولة، وتبقى نسبة
تأثر الجزء بالكل مرتبطة بالكم و الوقت .وصفة الجزء الغالب يمثل قاعدة
للكل.
إذا كانت شخصية الانسان خيرة، فالحفاظ عليها يجب أن يعمل على
وقاية أجزائه من متسببات الشر. أما إذا كانت شخصية الانسان شريرة فالمواجهة
الشر، يسعى لمعالجة أجزائه فان لم تستجب استؤصلت، و ان بقي على صفته
أستؤصل هو كله، لأنه كجزء سيمثل الكل ويتعدى شر نفسه إلى الكل .
أن
الدولة تتكون من مجموعة من الذرات (الانسان)، التي تشكل مجموعة من الخلايا
والأعضاء (أجهزة ومؤسسات)، فشخصية الدولة مرتبطة بالصراع الدائر في الذرة،
وإن موقع هذه الأخيرة اختلفت نسبة تأثيره في تركيب الكل من زمن لأخر تبعا
للصورة التي اتخذها الكل، ففي زمن مضى كانت الذرة هي الكل، وقد اختلف
موقعها ودورها إلى أن استقرت على صورتها الطبيعة كباقي الكائنات وفق منظق
النمو تحكمه معادلة الانتخابات. فالانسان أصبح يدخل في تركيب الدولة وليس هو الدولة، فقد وضعت أسس
وقواعد تربط العلاقة بين الانسان كجزء والدولة ككل (القانون).فالذرة
(الانسان) بعد أن تتمخض شخصيته من الصراع دائر بين أجزائه يدخل في تركيب
اعضاء (أجهزة ومؤسسات) الدولة، فتتحدد صفة أعضاء الكل تبعا للصراع دائر بين
أجزائه (الانسان). وهناك بعض الأجهزة تتوقف شخصية الكل على صفتها، نظرا
لموقعها و دورها. فأجهزة الأمن والقضاء من بين أهم الاجهزة المؤثرة في
تركيب الدولة، فان كانت نتيجية الصراع الدائر بين أجزائها (الانسان)، تمخض
على صفة شريرة فحتما سيكون الكل شرير، و العكس صحيح. ولمواجهة الشر يجب على
الكل أن يعمل على علاج الجزء المتسبب في هته الصفة، هذا بتطبيق العقوبات،
فأن لم يجدي نفعا أستؤصل ذلك الجزء من العضو حتى لا يطال الكل. فمثلا إذا
كان رئيس الشرطة يأخذ صفة شريرة، فسيكون القسم الذي يمثله شرير، فان لم
يواجه رئيس القسم من قبل الكل فهذا يذل على أنه(الكل) شرير، أو يود أن يحصل
على تلك الصفة. وأن كانت هناك نية لمواجهة الشر عولج ذلك الجزء (رئيس
القسم) وإن لم يستجب للعلاج أستؤصل، نفس الشيئ بالنسبة للقضاء.ان لم تعمل
الدولة على مواجهة الانسان ذا الصفة الشريرة، فيعني أنها تسعى إلى الشر أن
لم تكن هي الشر نفسه، وإن لم تعمل على متابعة أجزائها ذات الصفة الخيرة
فيعني أنها تسعى إلى الشر.
الأرض تتكون من مجموعة من الدول، وتتحدد
شخصيتها على نتيجة الصراع دائر بين هته الدول، وإن تركيب شخصية الأرض ما
يزال بعيد عن الصورة الحقيقية التي تطابق باقي الكائنات الحية، فمعظم
أعضائه وأجهزته مختلة وغير مطابقة لأسس وقواعد النمو، فلهذا كانت شخصية
الارض مختلة وشريرة، وهذا يرجع لتأثرها بنتيجة الصراع الدائر بين أجزائها
(الدول)، الذي تمخض على دولة شريرة، فنساق وراءها باقي الدول ذات الصفة
الشريرة، وعزلت الدول الخيرة، أن الارض بهذه الصفة فهي من ستسبب في فناء
هذا الكون، بحكم أنها تمثل لب ومركز الكل (الكون). فالأرض بحكم موقعها
ودورها في تركيب الكل فهي الجزء الذي تتحدد شخصية الكون بناءا عليها.
إن
هذا الكون يحكمه نظام ثابت يسري على جميع الكائنات، سواء كان إنسان أو
نبات أو حيوان أو أشياء (مادة) .... ويختلف (النظام) تبعا لخصوصيات كل نوع.
ويبقى الإنسان هو الوسيط الذي يمكنه أن يدخل في تركيبة كل معادلة تحكم صنف
ما، فتفاعل الإنسان مع أي نوع يؤدي إلى نتيجين إما الخير أو
الشر، فالإنسان مع الإنسان، يؤذي إما للخير (السلم، المصلحة العامة) أو لشر
(الحرب، المصلحة الخاصة)، وتفاعله مع الكائنات الحية (حيوان، نبات) يؤدي
إما للخير (العيش بتناغم معها بخدمتها وإستغلالها) أو للشر (إستغلالها، أو
تهجينها)، ومع الأشياء للخير (تركيبات تخدم الكل) وللشر (تركيبات تزيل
الكل) فإن الانسان من موقعه ودوره في تركيب الكل (الكون)، يعتبر المؤثر
الأول في شخصية الكل شرير ام خير، ولهذا على الكل أن يعمل للحفاظ عليه،
بمتابعته ووقايته وعلاجه وإستئصاله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق