الثلاثاء، 23 يوليو 2013

معالجة الفساد في الجزائر


إن موروث البشرية من مبادئ وأسس علمية التي إستخلصها الإنسان من الكتب السموية ومن تجارب الحياة، تجعلنا اليوم بمقدورنا مواجهة اصعب المحن على جميع الأصعدة سواء في المجال العلوم الطبيعية أو الإجتماعية، فإنسان أصبح له زاد يكفيه العيش الحياة المثالية التي كان يتطلع إليها منذ القدم. في ظل هذا تعاني بعض الدول من ظواهر وأفات إجتماعية، تدخل في نطاق جرائم تمس بالثقة العامة بين الفرد والسلطة، أدت إلى خلل في تركيبت الدولة، ومن بين هته الجرائم الرشوة وسوء إستعمال السلطة (الفساد بشكل عام). فلقد جندت لها منظمات دولية وإقليمية، ووضعت لها أحكام وضوابظ وسنت لها تشريعات لكبح هذه الأفات، لكن يلاحظ في بعض الدول إستفحال هته الظواهر، إلى أن أصبحت أسلوب حياة له ديناميكياته وميكانيزمات يسير عليها، فما حقيقة هته الأفات، وهل ديناميكية الفساد تسيير وفق منهج مسطر مسبقا، أم أنه يسير وفق منهج آلي ؟
إن الإنسان وصل إلى ابعد الحدود في مجال العلوم الطبيعية، فأصبح بإستطاعته التحكم في مجريات الحياة بصفة عامة، هذا لإعماله الموروث العلمي من مبادئ وقواعد ومناهج البحث العلمي، فلقد وصل إلى حد تدمير وإنشاء ذاته، على عكس ما يلاحظ في مجال العلوم الإجتماعية وخاصة بعض الفروع مثل القانون، أين تخلى الباحثون على أسس ومبادئ المنهج العلمي، فاصبحت دراساتهم لاتتعدى أن تكون مجرد آراء ووجهات نظر تعبرعلى ميولات شخصية، لا محك علمي إثباتها أو نفيها، على هذا نلاحظ تنامي ظواهر وأفات إجتماعية أصبحت تهدد الوجود كله، ومن بين هته الظواهر ما يمس بثقة الفرد بالسلطة، فتؤذي إلى نشوب خلل في تركيبة الدولة، يفضي لحالة من الفوضى، ويدخل في نطاق هذه الجرائم الرشوة و سوء إستعمال السلطة ... فالملاحظ أن بعض الدول، وخاصة دول عالم الثالث، وبلأخص الدول العربية، أن الفساد أصبح أسلوب حياة لإدراة فترة زمنية آنية، تنعدم فيها الرؤى والأفاق المستقبلية، ديناميكيته تسير وفق منهج آلي، وميكانيزماته مركبة آليا، وإن تدرع بعض الدول بعدم القدرة على مواجهة هته الافات هو عذر أقبح من ذنب، فإذا أعمل موروث البشرية من مبادئ وأسس وقواعد المنهج العلمي، لتم الوصول لوضع أنجع الطرق لمواجهة هته الظواهر، فمثلا نلاحظ في الجزائر أن ما يدخل في جرائم التي تمس ثقة الفرد بالسلطة (الفساد وما يدور في فلكه) تكيف على أنها جنحة، ومحكمة الجنح هي محكمة دليل، والمشكلة تكمن في الدليل، فإن تم تغير تكيف مثل هته الجرائم إلى جناية، وكإستثناء يجعلونها ذات عقوبة جنحية، لمواجهة مشكلة الدليل. مثال شخص يطلب فتح قاعة حفلات في مكان معد للسكن، فهي مخالفة للقانون، وهذا الفعل يقع تحت طائلة قانون العقوبات، يتقدم بمراسلات ومعارضات إلى الجهات المعنية، تفتح قاعة الحفلات بمقرر من الجهات المعنية، هنا إذا كانت الفساد يكيف على أنه جناية، فتكون لدى القاضي قناعة، بأن هناك مقابل على فتح القاعة، ويتأكد من ذلك إذا اعمل مبدأ لكل فعل مصلحة ولكل مصلحة غاية أي ان رجل الإدارة (الوالي، وكل من له يد في ذلك العمل) الذي أقر على فتح القاعة قام بفعل مخالف للقانون على قصد، فهناك مصلحة من ذلك هذه المصلحة غايتها أخذ هبة أو ... أو ... ان فتح القاعة لايخدم المصلحة العامة وحتما لايكون لوجه الله .
يرجع أصل هذا الإشكال إلى المنهج المتبع في معالجة مثل هته الظواهر، مما أدى لفرض أسلوب حياة (القانون) بين الفرد والسلطة مناقض لقواعد النمو الخاصة بالدولة ، فنتج عنه خلل في تركيبها ككل، وعليه لمواجهة هذه المعضلة يجب إعمال موروث البشرية من قواعد ومناهج البحث العلمي، وتكريس أسس العدالة وآليات الدولة، لنصل إلى كبح مثل هته الظواهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق